الخميس، 16 يونيو 2011

الاخلاق والسلوك والدين

الاخلاق والسلوك والدين

 

في كل انسان  يوجد نظام اخلاق  ينتج سلوكه وتصرفه  في حياته اتجاه البيئة المحيطة به كرد فعل على المؤثرات المادية والمعنوية من قبل مادة الحياة بكل انواعها  الطبيعية والكونية  والعناصر الحيوية من انسان وحيوان ونبات وكائنات حية اخرى

هذا النظام الاخلاقي  مبرمج بشكل طبيعي  بامتداد وراثي  منذ بداية ظهور الانسان على الارض  والى يومنا هذا  حيث يحتوي  الحركة التفاعلية الداخلية العضوية الحيوية لجسم الانسان  بكل خلاياه واعضائه واجزائه  ويحتل الدماغ  مركز قيادته وتوجيهه

يتترجم نظام الاخلاق  بتفاعلات كيميائية وفيزيائية  داخل جسم الانسان وداخل جهازه العصبي  تلقاء وجود قدرات طبيعية تركيبية موروثة  ووجود مؤثرات بيئية خارجية  وعوامل  داخلية   تشترك فيما بينها بصيغة معينة لتحديد نوعية هذه التفاعلات  ونوعية نتائجها  اللتي تحدد وتخرج السلوك او التصرف  كما نفهمه كبشر في وعينا وادراكنا وحسنا ونميزه حسب منطقنا

ان تفاعل الانسان مع الطبيعة والبيئة المحيطة به  يكسبه مهارة وخبرة وعلما ومعرفة  وتقنية   في الحياة  وهذه كلها تخزن داخل جسم الانسان على شكل تطور عضوي تركيبي يتبعه  مثبتات حيوية وعوامل وعناصر كيميائية وتغييرات فيزيائية  وميكانيكية تعكس تغييرا تقدميا نمطيا  في نظام الاخلاق الداخلي ومن ثم السلوك والتصرف بنفس  المستوى  والاتجاه وعليه فانه كلما زاد زخم  هذا التفاعل واتسع حجمه كلما تشابكت وتعقدت  شبكة نظام  الاخلاق وانتجت سلوكا متطورا  تقدميا  بقيم حضارية جديدة

مثال على ذلك قيمة الحرية  والقيمة هنا تعرف على انها منظومة من السلوكيات والتصرفات  اتجاه قضايا ومواقف حياتية  متعددة ضمن مجالات  معينة

وهناك قيمة السلام  وقيمة الديمقراطية وقيمة العدالة وقيمة التفاهم المشترك وقيمة الحوار الحضاري  وقيمة  الاشتراكية .... الخ

هذه القيم كلها هي نتاج صراع حضاري خاضه الانسان مع نفسه ومع الطبيعة عبر تاريخه الوجودي واتت نتيجة تطوره العضوي التراكمي عبر هذا التاريخ كمنجزات تفاعلية  وتراكم تجربة حياتية تحتوي كل عوامل التغيير والتطوير  والتقدمية

وغاية نظام الاخلاق في الانسان   هي الحفاظ على  نوعه وبقائه وحياته وضمان استمرارها بالشكل الطبيعي  وبناء عليه فان اي سلوك ناتج عن هذا النظام يجب ان يصب بنفس الهدف  فان كان السلوك شاذ عن هدف الطبيعة السامي  فيكون هناك امر ما حصل بنظام الاخلاق نفسه  ربما يكون اراديا او لا اراديا

وهنا يتوجب دراسة الحالة  بشكل علمي  بمساعدة العلوم المختصة  في  السلوك الاجتماعي  والتركيب العضوي للانسان وعلم الحياة والتشريح وغيرها مما يعطينا صورة دقيقة عن نوع المشكلة لوضع الحلول المناسبة لها

ولان نظام الاخلاق مرتبط بكل اجزاء الجسد فان اي حالة اعتلال  في اي جزء منه تؤدي الى اعتلال الاخلاق وبالتالي انحراف السلوك عن الوضع الطبيعي  ومن هنا يجب  معالجة الموقف من قبل متخصصين  في هذا المجال واعطاء قرارات علمية  دقيقة  والتصرف على ضوئها  لعلاج الموقف

اذن الاخلاق لا يتم الاستهانة بها  او الاستخفاف بها كنظام انجزته الطبيعة بكل تعقيداته وتراكيبه عبر ملايين من السنين  بالتطوير والتحديث والتغيير والتفاعل  والتركيب  والانتاج التراكمي  كي نتلاعب بها ونغير  طبيعتها وتكوينها من خلال الوعظ والارشاد والترهيب والترغيب  والفتاوى  الغيبية  اللا علمية   والحث والضغط والشد والمد من قبل اناس جهلة يدعون الاخلاق الحميدة  وحسن السيرة والسلوك وما الى آخره من اساليب يتبعها رجال الدين  او الفكر الديني    فيما  يسمى ببناء الاخلاق الحميدة

ان الفكر الديني فكر غيبي وليس ناتج من علم طبيعي ولا يدرك تركيب الانسان العضوي ولا يفهم معنى الاخلاق كنظام ناتج عن تفاعل مادي صرف  يتجلى من خلال  فهم الكيمياء والفيزياء وعلم الاحياء والميكانيكا والرياضيات وغيرها من علوم الطبيعة ذات العلاقة

ولذلك فان تدخله  بتكوين الانسان  في اعقد نظام  عضوي  الا وهو نظام الاخلاق يؤدي بالتاكيد الى هدمه وتدميره وانحرافه  عن طبيعته  ويؤدي بالانسان الى خسارة امكاناته ومقومات حياته وقدراته الطبيعية  الممنوحة له من الطبيعة للحفاظ على كيانه واستمرار حياته بافضل شكل  واحسن حال وهذا يفسر لنا بشكل واضح سبب  المآسي والدمار وفناء الحياة  اللتي عانى منها الانسان وما زال يعاني بسبب الدين اللذي يدخل دائما من خلال نظام الاخلاق بحجة حفاظه على الاخلاق والقيم لترويض الانسان كي يسلك سلوكا  يحافظ على حياة اجتماعية امنة سلمية متكافلة  والنتيجة تكون العكس تماما

واذا تتبعنا  القيم والسلوك في المجتمعات اللادينية نجد انها  طبيعية تحتوي الحب والسلام والتعاون الاجتماعي والتطور الحضاري  وكل اشكال الحفاظ على الحياة  ورفاهية الانسان ورخائه وسعادته واستمرار نموه وتواصله مع الحياة بشكل طبيعي متطور تقدمي راقي  وعكس ماهو  موجود في الاوساط المتدينة تماما  رغم ادعاء الديانات  الدائم بتصحيح مسار الانسان السلوكي وبناء نظامه الاخلاقي باتجاه  حضاري

اذن بات من الواضح تماما بان الاخلاق هي اساس السلوك وان الاخلاق الراقية تنتج سلوكا راقيا  والطيبة والمتحضرة تنتج سلوكا طيبا متحضرا  وان نظام الاخلاق ياتي بفعل العمل والانتاج  وتعدد وسائط الانتاج وتشابك علاقاته وتعدد انماطه واشكاله  وبالتوازي مع هذا الحراك الحضاري التفاعلي يتطور الانسان عضويا وتركيبيا  ويطور من حركة تفاعله مع نفسه ومع وسطه البيئي ومادة الطبيعة والكون الوجودي  وهكذا بالفعل ورد الفعل  والتبادل التاثيري تسير عجلة التطور بقوة الدفع الميكانيكي  الوضعي الذاتي وتبقى تسير مع الزمن  ويتطور الخلق ويتطور السلوك ولكل ظرف مكاني وزماني ووضع حضاري حياتي اخلاق وسلوك ناتجة عنه وتلائمه وتختص بحالة الانسان به كي يبقى محافظا على وجوده واستمرار وجوده بالشكل الطبيعي والافضل    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق