حاجة العرب للعلمانية
الدين حكم الانسان ونظم حياته وامتلك الثروة ونظم توزيعها وسن التشريعات والقوانين ووضع الاحكام ونفذ العقوبات بحق المخالفين
بمعنى انه مثل السلطة السياسية للانسان على مدى الاف السنين في اماكن مختلفة وحضارات مختلفة
ولذا فان السياسة المعاصرة المدنية الشكل هي ابنة تلك السياسة السلفية
هي شجرة جذورها دينية
اصبح من الطبيعي ان تلجأ السياسات المستحدثة كالسياسات العربية للعودة الى جذورها الدينية والتشبث بها اذا ما تعرضت لرياح تهددها بالاقتلاع من اماكنها
لان الدين في الحقيقة هو اللذي يغذي صمود تلك الساسيات ويصلب هياكلها
فنجد بان تشريعاتها ماخوذة من الدين ورجالاتها تتخذ الدين عباءة لتحظى بتاييد الجماهير من حولها وتكسب عاطفة العامة السذج والبسطاء ولكي تبقي على صفة الراعي والقطيع هي الصفة السلفية الدينية اللتي فرضتها السلطة الدينية على شكل العلاقة ما بين الحاكم والمحكوم
ان السلطة الدينية السلفية هدفها الثروة دون اي اهتمام للانسان بل واستعمل الانسان المحكوم كعنصر استغلال واستعباد من اجل زيادة الثروة وتنميتها لتحقيق الرفاهية والسعادة والرخاء للقلة الحاكمة على حساب العامة المحكومة
اما السلطة المعاصرة فهي تعني بالانسان كهدف لها وتستغل الثروة بشكل عادل لتوزيعها على كافة افراد الشعب المحكوم كي ينعم بحياة مرفهة وراقية
وهذا هو التطور اللذي حصل بمفهوم السلطة والسياسة حسبما يتجلى في الدول المتحضرة خصوصا دول الغرب اللتي تتخذ العلمانية منهجا لسياساتها
ولكن الدول المتخلفة مثل دول الشرق الاوسط ومنها الدول العربية ما زالت الانظمة السياسية الحاكمة بها لم ترتقي الى المستوى اللذي يحول الهدف من الثروة الى الانسان ولم يفصلها عن علاقتها الوثيقة بالدين كاساس لها ولم تبتعد كثيرا في تطورها عن نمط السلطة الدينية
ولكي نخلق سلطات سياسية تقدمية تتلاءم مع مستوى الحضارة المعاصرة والمفاهيم الحديثة للسياسة علينا كمجتمع متدين بامتياز اي المجتمع العربي المسلم ان يفصل الدين عن الدولة وان يكون نظام الحكم مدنيا ديمقراطيا حرا يستمد تشريعاته وقوانينيه من المعارف والعلوم الطبيعية والتجارب الانسانية والمنطق والعلوم الانسانية كعلم الاجتماع وعلم النفس والتربية وغيرها وان لا يعتمد الدين باي شكل او اي نسبة كمنهج حياة او مصدر ثقافة او اسلوب تربية او مصدر قيم واخلاق وتنظيم لحياة الانسان ومسرح تفاعل حضاري له
ولتكن العلمانية هي نظام السياسة ونظام الحياة الشامل كوننا في امس الحاجة للتغيير والنهوض بشكل طفري والتفاعل المنتج الايجابي على طريق العمل والبناء والتطور والتنمية والتعلم واكتساب المهارة والتقنية الحياتية الانتاجية كي نكون مؤهلين للدخول الى ساحة التنافس الحضاري مع بقية الشعوب ونؤكد ذاتنا ونحقق وجودنا بقدرة واقتدار بالاعتماد على امكاناتنا وقدراتنا الذاتية ومقومات حياتنا الطبيعية
وان يتم هذا الحراك المتكامل المتناسق المنتظم بشكل متسارع ليسبق الزمن ويجسر الهوة الكبيرة ما بيننا وبين الشعوب اللتي قطعت مشوارا طويلا على طريق التقدم والتطور الحضاري الانساني
وتبقى العلمانية هي آخر واحدث ما توصلت اليه عقلية الانسان المتحضر كنظام حياة ومنهج واسلوب وفكر وفلسفة وجود وتطور وتنمية وحرية وعدالة وسلام وكرامة انسانية وسعادة وهناء ورخاء وبرنامج حياتي شامل متكامل يحقق كل غايات الانسان وطموحاته واهدافه في حياته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق