العلمانية منهج الانسان المعاصر بدل الدين
لقد فقد الدين قدسيته في دماغ الانسان المعاصر وفقد احترامه وفقد مصداقيته ولذا فقد الالتزام به كمنهج حياة ووعاء ثقافة وفكر انساني حضاري واجب وملزم
والسبب ان الدين كان مسلما به بانه من عند الله ذلك الملك الاعلى الذي يسكن فوق السماء
هذا وبعد تطور العلم واكتشاف انه لا يوجد سماء ولا يوجد اله فوقه يجلس على كرسي كالملك الارضي وحوله الحرس من الملائكة والمساعدين ولديه حدائق وجنائن ونار وسجون يعذب بها معارضيه والخارجين عن تعاليمه
تحول الدين عنئذ في رؤوس المفكرين والواعين والعقلاء الى خرافة ووهم موقعه رفوف مكتبة التاريخ والتراث الانساني البدائي وقد تطور الانسان الى مراحل اعلى بكل كيانه ولم يعد بحاجة لاداة قديمة كرافعة حضارية ومنهج حياة اجتماعية كالدين وبعد تجاوزه مرحلة بناء المجتمع وتحقيق ذاته حضاريا واكتسابه الخبرة والمهارة والتقنية الحياتية والعلم والمعرفة من خلال التجربة والاكتشاف والتفكير والقياس والاستنتاج والاجتهاد والربط والمنطق والاستقراء وتطوير قدراته الذهنية والجسدية وملكاته ومقوماته الحياتية اصبح لديه كافة الانظمة والقوانين والدساتير المدنية ذات الاسس العلمية المشتقة من علوم المادة والطبيعة الكونية للانسان ومحيطه والكون بشموليته واضحى الدين نقطة في بحر معرفته ونظام حياته المتنامي المتمدد المتسارع في الصعود والتطور والتغير حسب تغير المادة الكونية وتطورها وتمددها وشموليتها وآفاق حركتها وتفاعلاتها اللانهائية واللامحدودة
الدين فكرة تصورية وهمية تعالج زمنا ثابتا ومكانا ضيقا محددا لفئة اجتماعية ذات مواصفات خاصة بها فسيولوجيا وسيكولوجيا وبيئيا وحضاريا حيث ان هذه الفكرة هدفها الاساسي الحفاظ على النوع والتكاثر والجنس واستمرارية الحياة بطريقة آمنة منتظمة بعلاقة اجتماعية تعاونية على اسس اخلاقية سلوكية تضمن حق الفرد ضمن الجماعة بالتمتع بحياة آمنة وضمان لحقوق الحياة الطبيعية لاصحابها
اما في وقتنا المعاصر بالاف الثالث للميلاد فلم يعد هذا المقياس يتلاءم مع عدد سكان العالم الكبير جدا نظرا لما كان سابقا في عهد ظهور الدين كمنهج حياة ولم يعد يتفق مع منطق الانسان وينسجم مع تفكيره حيث نما دماغ الانسان وتطور كثيرا وامتلك قدرات ذهنية جديدة وعالية المستوى لم تكن موجودة لديه سابقا كما واصبح يمتلك آليات واساليب وطرق لابتداع انظمته الحياتية وتصميم برامج في مختلف جوانب حياته تفيده اكثر بملايين المرات عن برامج الافكار الغيبية الدينية الخالية من اي علم او معرفة طبيعية تخص المادة ومواصفاتها ومعادلة تفاعلها مع ذاتها ومع الانسان
كما وان الزمان قد نما وتطور وصعد سلم الرقي بكل ما يحيط بالانسان في هذا الكون وعلى سطح الارض من كائنات حية وجمادات وحصلت تغيرات كثيرة وجذرية من شانها ان تغير نظرة الانسان للكون وتطور اسلوب معيشته وتعامله مع ذاته ومع محيطه
ومن هنا فان هذا الزخم الكبير من الحركة والتغير والتطور والتفاعل بالتوازي مع تطور الزمن لا يقدر ان يسيطر عليه الفكر الغيبي المحدود المنحصر باسطر من الدستور الحياتي المنفصل عن كيانه المادي الحقيقي والواقعي الاصيل ولذا يجد الانسان نفسه في حيز الفكر المادي الطبيعي اللا نهائي الحدود والشامل لكل المتغيرات والتفاعلات والاحداث حول الانسان في المكان والزمان المتحركين بشكل دائم
هذا الفكر المادي هو مشتق من مجموع معلومات الانسان اللتي حصدها خلال تجربته الحاتية السابقة على سطح الارض ونسميه عرفيا واصطلاحيا بالفكر العلماني
والخلاصة بان الانسان المعاصر يعتبر المنهج العلماني هو منهجه في الحياة بدلا من منهجه السابق الدين المشتق من الفكر الغيبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق