الأحد، 24 يوليو 2011

لا يوجد في الحقيقة اي نظام عربي علماني

لا يوجد في الحقيقة اي نظام عربي علماني

ما يسبب لي الضجر هو المفهوم العام لدى المثقفين وانصاف المثقفين العرب اللذي يصفون الانظمة العربية الغير اسلامية بالانظمة العلمانية
مثل النظام العراقي ايام صدام حسين والنظام السوري والنظام المصري وآخرها النظام التونسي المخلوع

اسال واقول : هل هذا غباء ام امية ثقافية  ؟
هل هذا تشويه متعمد للعلمانية وتحقير لها  ؟
هل هذا يعبر عن فكر عربي مخصي ؟
هل هذا يعبر عن راس عربي اجوف ؟

لماذا يوصف كل نظام حكم لا يعتمد الشريعة الاسلامية بالكامل نظاما علمانيا ؟
انا لا ادري ما هو السر في هذه التسمية
وقد اصبح من البديهي على الساحة الثقافية العربية ان اي نظام حكم ليس على منهج الخلافة الاسلامية هو نظام علماني
وكان التسمية قادمة من تحول الخلافة الاسلامية العثمانية الى دولة علمانية على يد مصطفى اتاتورك
نعم كانت الدولة التركية في ذاك العهد اسمها الدولة العلمانية وذلك نسبة لذالك التاريخ ولذلك المستوى الحضاري في حينه 
ولكن بالنسبة الى يومنا هذا ومستوى الحضارة الانسانية ككل والتغير اللذي حصل للايدولوجيات بفعل التطور الحضاري فان الدولة التركية لم تعد علمانية بالمفهوم الحديث للدولة العلمانية
فالدولة العلمانية بالمفهوم الحديث تعني فصل الدين عن السياسة فصلا مطلقا
وتعني ايضا فصل انظمة الحياة الاجتماعية كلها عن الدين فصلا مطلقا
وتعني ايضا عدم مشاركة الفكر الديني باي شكل من الاشكال الحياتية وباي نسبة تذكر في مجالات الحياة الفردية او العامة
فلا علاقة للدين والغيبيات في التربية او التعليم او علاقات الانتاج او الثقافة او الاعلام او وسائل الانتاج او غيرها او حتى مراسم الزواج والموت اي ان الدين لم يعد له اي تاثير ووجود واعتبار بحياة الانسان
الدين لا يعدو كونه معتقد يحمله الانسان الفرد في راسه ويمارسه ضمن حرية الراي والاعتقاد اللتي توفرها له الدولة العلمانية
على هذا الاساس لا يوجد لغاية الان اي نظام عربي تنطبق عليه شروط ومواصفات الدولة العلمانية وذلك منذ استقلال الدول العربية والى يومنا هذا
فعلى سبيل المثال ان الدساتير والانظمة والقوانين المعمول بها سواء في سوريا او العراق او مصر او تونس او غيرها مما  تدعى انظمة علمانية معظمها بنسبة تزيد عن ثلاثة ارباعها مستمدة من الشريعة الاسلامية وبان موظفين  الدولة والقائمين عليها من وزراء ومدراء وقيادات امنية وجيش وكل ما له علاقة بالحكم يحمل عقلية اسلامية ومعظمهم متشددون واصوليون ويطبقون الدستور بروح اسلامية وكان النظام هو نظام خلافة اسلامية ولكن بصورة مدنية
والحقيقة ان ممارسات الانظمة العربية المدعوة بالعلمانية هي ممارسات تطابق ممارسات الدولة الدينية الاسلامية فيما يتضح من كبت الحريات ومصادرة مقومات الحياة واحتكار المقدرات الوطنية المعيشية وممارسات الظلم والقهر والاضطهاد والحرمان ضد المواطن والتسبب بالتخلف الحضاري وسد كل منافذ الحياة الكريمة امام الشعب والكثير الكثير من الممارسات اللتي يعرفها الكل
هذه كلها تخالف سلوك الدولة العلمانية وليست من نظام العلمانية ولا من فكرها ولا من اهدافها ولاتمت للعلمانية بصلة تذكر
اي ان نسبة العلمانية في الانظمة العربية هي صفر
فلو اخذنا النظام السوري الحالي كمثال وهو معروف بانه علماني  من ملاحظة بسيطة نجد ان قانون العقوبات مثلا هو قانون عثماني مازال يطبق في المحاكم ومنه عقوبة  جرائم الشرف واللتي كانت سنتان وعدلت الى سبع سنوات
واذا ما تتبعنا كافة قوانين الدولة السورية وفحصناها بما يشمل كافة جوانب الحياة سنجد انها مستمدة من الشريعة الاسلامية
ونجد ان الاوقاف الاسلامية لها وزارة وهي من اغنى الوزارات في الدولة وان حصة الدين  الاسلامي تدرس في المدارس من الصف الاول لغاية الثانوية ولها ضعف الاهتمام عن حصة العلوم
والامثلة كثيرة ونفسها تتكرر في كل الدول العربية
اصبح عن اي علمانية تتكلمون ؟؟
لا علمانية في الوطن العربي
لان العلمانية كفكر ليست موجودة بالزخم اللذي يؤدي الى قيام دولة
فالدولة العلمانية هي نتاج الفكر العلماني وليست صنيعة سياسية نظامية تتم بقرار حزبي او  ما يماثله
الدولة العلمانية في فرنسا عندما قامت بالقرن الثامن عشر اتت بعد مخاض فكري عسير استمر  مئة عام  وعندما اصبح الفكر العلماني يمثل الفكر العام للحياة الفرنسية ويحتل كل جوانب حياته واصبح كبار العلماء والمثقفين والعمال والمدراء واصحاب النفوذ الاجتماعي والمالي كل هؤلاء اصبحو يتبنون وينتهجون الفكر العلماني الطبيعي المادي اللاديني وانفصلو فصلا كاملا عن الكنيسة وفكرها الغيبي
قامت الثورة الفرنسية حينها  وتشكلت الدولة العلمانية كنتيجة حتمية وتلقائية وطبيعية للمستوى الحضاري الفكري الايدولوجي والمنهجي للشعب الفرنسي وساعده في ذلك ان العلمانية كانت منتشرة بكل اوروبا ولكن بنسب متفاوتة
نحن في وطننا العربي لم نصل الى هذه المرحلة بعد فالمجتمع العربي هو مجتمع غيبي اي صاحب فكر غيبي ديني بنسبة تصل الى 95%
بينما يحتاج الامر لقيام دولة علمانية حقيقية الى نسبة لا تقل عن 25% من الشعب
وهؤلاء يجب ان يكونو من النخبة وهم المثقفين والعلماء والمتعلمين والاكاديميين والحرفيين وكبار المنتجين واصحاب رؤوس الاموال والمتنفذين والقيادات والكوادر في مختلف مجالات الحياة اللتي ترتكز عليها الدولة في بنائها
نهاية القول يجب تصحيح الرؤيا حول موضوع طرح صفة العلمانية على انظمة رجعية فاسدة
 ان العلمانية بريئة من هذه الانظمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق