الخوف سببه الجهل
من طبيعة الانسان عموما انه يخاف من المجهول بتجربة بسيطة جدا حاول ان تلبس قناعا اسودا وتنظر الى نفسك بالمرآة سوف تشعر بالخوف والرهبة لاول وهلة وتعمل تلقائيا الى التاكد من هوية المنظور فتتحسس وجهك المقنع وتمد اصابع يدك تحت القناع لتتاكد من هويتك وتتعرف من جديد على الكيان اللذي امامك وبعد ان تطمئن بان هذا الكيان المجهول الجديد المنظور هو انت وتعرفه جيدا يتبدد الخوف وتتعامل مع صورتك بشكل اعتيادي مالوف وقياسا على ذلك كل شيء بالحياة يصادفك ركز ولاحظ ردة فعلك اتجاه اي شيء جديد مجهول بالنسبة لك ستشعر بالخوف منه حتى لو انه صرصور ولذا فان الانسان البدائي كونه لا يعرف عناصر الحياة المحيطة به من مكونات مادية وكائنات حية وظواهر طبيعية بسبب قلة تجربته الحياتية وقلة معلوماته ومعرفته فانه من منطلق الغريزة الطبيعية المخزنة في جيناته الوراثية الا وهي الخوف الاحترازي من المجهول للحفاظ على حياته من خطر الاندثار والفناء كان يخاف من كل شيء يصادفه فيرسم حوله في مخيلته اشكالا وصورا مرعبة ويمنحها القدسية وهالة من الاحترام فخوفه من الرعد والعواصف والنار والبحر والزلازل سببه جهلها علميا ومعرفيا مما دفعه لان يقدسها ويعتبرها ظواهر الهية غيبية فعبد النار واعتبرها اله وعبد الشمس واعتبرها اله لالاف من السنين الى ان تطور ونمى وعيه وادراكه وتراكمت معرفته وعلمه من خلال تجربته الحياتية عبر تاريخ وجوده وتفاعله مع الطبيعة والكون المادي المحيط به حتى اخذ يتعامل مع هذه المقدسات المرعبة المخيفة المجهولة بالفة وبشكل عادي طبيعي دون خوف فالنار والشمس لم تعد الهة مخيفة مرعبة تقدم لها القرابين وتقام لها الطقوس ولذا فان الديانات كلها وآخرها هي الديانة الاسلامية ناتجة من خلال هذا المنظور والسياق فرب الاسلام هو كيان مجهول معنوي ليس كائن مادي معلوم ولذا يخاف منه من يؤمن بوجوده كونه لا يعرفه بادراكه وحسه وتمييزه ضمن حدود وعيه ككائن مادي حي وضمن مركباته العضوية في جهازه العصبي وقدرته على التحليل المنطقي والفهم والاستيعاب والله هو كيان مجسم يحتوي كل مجهول خارج اطار المادة المعروفة المعلومة وكل مجهول يركن في اطاره ولذا فان ما يدخل في حيز الايمان به هو مخيف للانسان فجهنم مخيفة مثلا لانها غير معروفة فهي مجهولة المكان والشكل والكيفية والجن مخيف كونه ليس كيانا ماديا معروفا يمكن ادراكه حسيا وهكذا والخوف من المجهول يؤدي الى احباط فكري وخوف من الحياة وتراجع وانهزامية لدى الانسان ويؤدي الى تخلف المستوى الحياتي المادي وتراجعه مما ينعكس سلبا على حياة الانسان عموما ويظهر ذلك من خلال المرض والفقر وقلة الانتاج ومعاناته واستغلال القوي للضعيف والتعديات على الحقوق والاستحواذ على الثروة والتسلط وهذا ما يفسر المظاهر الحياتية الرجعية في الاوساط الدينية لذلك العلم والمعرفة وتجربة الحياة وممارستها كلها تؤدي الى الفة الكون والطبيعة والمادة فيعمد الانسان الى تطويع المادة وترويض الطبيعة لغرض تطوره ونمو قدراته لغاية سعادته ورفاهه ورخائه وتغيير واقعه دائما نحو الافضل وحينها يكون قد ادى رسالته بالحياة بشكلها الكامل والصحيح الا وهي بناء حضارة انسانية راقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق