الثلاثاء، 24 مايو 2011

المثقف العربي وازمة الثقافة


المثقف العربي وازمة الثقافة

 

صفات المثقف العربي عموما ساذج وعاطفي وسطحي وسلبي  ويلجا دائما للافكار المعلبة الجاهزة  والافكار المطبوخة  وياخذها كما هي

طريقة تفكيره عشوائية غير منظمة وانتقائية ومزاجية خاضعة لمستوى فهمه هو  وزاوية نظره هو وغايته وحاجاته وتطلعاته هو  على فرض ان العالم يمر عبر شخصيته هو

المثقف العربي يريد من اي موضوع ان يكون مفصلا على مقاس فهمه واستيعابه وقدراته الذهنية وحاجاته ورغباته وان وجد  ان الموضوع مخالف لهذا  يجري له عملية قص وتحريف وتعديل وحذف لاجزاء منه وتركيب لاجزاء مستوردة  الى درجة تحقيق الرضى الشخصي عن الموضوع ويعود يخرجه باسم مصدره بنسخته الجديدة  ويتحمل المصدر حينها كل ماجرى من سلبيات او ايجابيات للموضوع الاصلي

المثقف العربي يتصف بالانانية الشديدة والنرجسية وحب الظهور والشهرة على حساب قيمة الموضوع واخلاقيات الثقافة

يلجا المثقف العربي  بالنظر والتعرف على الفكرة او الموضوع من شكله وزخرفه وظاهره  ولا يهتم بالفحوى والجوهر وفي الحوار يقف عند حدود الكلمات وصياغة الخطاب وشكلية الالقاء دون الاهتمام لمادة الحوار وقيمتها الثقافية

يهتم المثقف العربي بالصورة على حساب المادة الداخلية ويهاب او لا يرغب في معظم الاحيان للدخول في التفاصيل  بل يكتفي  بصورة اجمالية فوقية  خالية من الدلائل الادراكية الحسية وملامسة افكار الموضوع الداخلية

يركز المثقف العربي على محتويات الذاكرة  وياخذ الافكار بشكلها الخام وقلما يعالجها وينقيها وينظمها ويصنفها ويربطها  ويوفر لها المكان المناسب  والاسلوب المناسب لنقلها الى ذهنه او اذهان الاخرين

لا يفرق المثقف العربي ما بين الحقيقة والخيال وما بين التصور والواقع  وما بين الكينونة الوجودية والكينونة الفرضية وما بين الصيرورة الحتمية والصيرورة التخيلية ولا يفرق ما بين التوازي والتطابق والتقاطع والتلاقي والتجانس والتماثل والاسقاط  والتصوير

لا يوجد منهج ثابت ذو اطار واضح محدد وفلسفة خاصة  وهيئة شخصية ذات هيكل له مواصفاته الثابتة المعروفة المميزة كهوية ثقافية  خاصة  بالمثقف العربي

الافكار اللتي يطرحها المثقف العربي كبائع الخضار اللذي يضع كل ما لديه من انواع وكميات في كومة واحدة دون فصل بالعناصر ودون تنظيم ودون عرض واضح  فاذا ما اردت ان اشتري كيلو من البطاطا علي ان انبش الكوم كله كي اصل الى الكيلو بعد عناء وجهد ووقت  عبثي واذا ما وصلت لغرضي افاجا بان البطاطا يوجد لها اسم آخر بمفهومه ربما  يكون كوسا  ويقع المستهلك في حيرة  من امره فلا يشتري منه بعدما اصرف وقتا وجهدا عبثا   ويخسر البائع خضاره لتخرب دون ان يشتريها احد

مادة المثقف العربي في معظمها مستقاة من الفكر الغيبي  والمتمثل بالدين الاسلامي بشكل عام  وهذه المادة تشبه التبن مقابل الشعير  اللذي يمثل الفكر المادي الطبيعي كالعلوم الطبيعية الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها

وشتان ما بين التبن والشعير بالقيمة الغذائية

المثقف العربي يبحث عن الثقافة من اجل الثقافة  ولا يضع امامه هدفا محددا ونمطا وطريقا واستراتيجية  لثقافته  ولذا تجد ثقافته عشوائية فوضوية مبعثرة غير مركزة وغير هادفة وغير مثمرة ومفيدة ولا تسعفه في مواقف حياته اللتي تتطلب  القرار المناسب في المكان والوقت المناسبين

المثقف العربي يكتفي  بحفظ المعلومة وتناقلها  ولا يلجا لممارستها وتطبيقها  كي يخلق منها معلومة جديدة لتصبح جزءا من شخصيته وتجربته الحياتية وبذرة مثمرة له ولغيره وبهذا فان المثقف العربي يكون كمن يجمع البذور في بيته ولا يزرعها بالحقل كي تنمو وتثمر فتبقى كمية محصوله ثابتة محدودة بل ويصيبها العطب في كثير من الاحيان  وهذا عكس المثقف الاجنبي اللذي اذا ما حصل على بذرة واحدة ذهب الى حقل حياته وزرعها ورعاها حتى تنمو وتثمر ويقطف ثمرها ليستفيد منه ويفيد غيره

المثقف العربي يخاف من كل شيء غريب ويخاف التجديد ويخاف التغيير والتحديث فتجده نمطي تقليدي  ثابت متقوقع جامد  متردد يفتقد للجراة والنشاط الفكري والمبادرة الذهنية  والحضور الذهني الدائم ويفتقد للذكاء الاجتماعي والذكاء الحواري  ويخاف من اعتلاء منصة القيادة فيلجا دائما للمؤخرة بطبعه تبعي امعي ملحق ذيلي خلف الجماعة   والاكثرية  جبان  في حالة التفرد وغير قادر على اتخاذ قرار انفرادي طليعي مبادر

 

على المثقف العربي بعد توضيح وشرح بعض من صفاته السلبية  ان يقوم بالتالي للخروج من ازمة المجتمع العربي الثقافية  المتمثلة بالتخلف الشامل في كل جوانب الحياة  :

اعادة صياغة وطريقة   الحصول على الثقافة وتحديد مصادرها  بما يلزم طبيعة المرحلة وحيثيات الواقع

اعادة تنظيم التراث الثقافي بطريقة تنسيقية وفرز علمي  ومنطق حضاري تقدمي

تغيير طريقة التفكير  وتحويلها من خيالية وعاطفية الى واقعية وعقلانية وتغيير مصادر الثقافة من غيبية الى مادية  طبيعية

انشاء مراكز ثقافية ذات تخصصات في مختلف مجالات الحياة وانشاء نوادي ومدارس ثقافية  واعتماد الثقافة على انها دستور حياة واساس منهجي للمجتمع  في كل جوانب حياته

احترام الثقافة وتقديرها واحترام المثقفين ومنحهم اعتبار اجتماعي عالي كي يصلو بثقافتهم الى مستوى الابداع والاثمار

التحول بالثقافة من معلومة مخزنة بالذاكرة  او ديكور شخصي للشهرة والظهور الاجتماعي  ومادة تستعمل للاغراض السياسية والشخصية الى ثروة  شعبية وطنية  تستعمل في ميادين الانتاج  والتفاعل الحياتي  وفي بناء الفرد والمجتمع وتحقيق  الحياة المطلوبة من رقي ورخاء  وتطور وتقدم وحضارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق