العلمانية تحتاج الى فهم واستيعاب
العلمانية لا تحتاج الى اقناع ولا يتم توصيلها لدماغ الانسان بالاقناع
لانها علم المادة وافكارها كلها مستمدة من علم المادة وعلم المادة مبني على الادراك والتمييز والحس والمعرفة نتيجة التجربة والممارسة وهذه كلها بحاجة لفهم وادراك ولا ينطبق عليها حالة الاقناع
الاقناع هي حالة تثبيت الفكرة في الدماغ بطريقة التلقين او الاعجاز او الاكراه او الربط بمصلحة مادية ذات صلة بحياة الانسان
ولذا فان الفكر المادي الطبيعي الا وهو العلماني يدخل الى ذهن الانسان عن طريق الفهم والاستيعاب
اما الفكر الغيبي اي اللا مادي والقادم من خارج الطبيعة مثال الفكر الديني فهو يدخل الى ذهن الانسان بطريقة الاقناع
وطريقة الفهم والاستيعاب تحتاج الى معلومات علمية ماخوذة من علوم الطبيعة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والاحياء وغيرها لتدعيمها وايصالها للدماغ كي يستوعبها بمعنى ان يكون المتلقي للفكرة لديه الارضية العلمية الكافية والحصيلة العلمية الكافية اللازمة للفكرة المتلقاة كي يستوعبها ويفهمها
هذا مع ضرورة المرسل للفكرة او صاحب الفكرة لديه ايضا الحصيلة العلمية الكافية واللازمة لارسال الفكرة
وهذا ايضا لا يكفي انما يلزم للمرسل والمتلقي ان يكونا ممارسين للحياة متفاعلين مع المادة مع الطبيعة تاثيرا وتاثرا تغييرا وتغيرا تطويرا وتطورا نحو الافضل والايجاب
وان يكون لديهم خبرة حياة وتقنية حياة مكتسبة من الممارسة بالعمل والانتاج الجسدي والعقلي
وان يكونا قد نمت قدراتهم وتطورت قدراتهم العقلية والجسدية وتدربت وتمرست واصبحت تشكل شخصية اجتماعية انسانية راقية متحضرة على صعيد العمل والانتاج والتفاعل مع مادة الكون والطبيعة
وان يكون الانسان قد اكتسب صفات خلقية وسلوكية حضارية ايجابية تليق بمستواه الحضاري كالصدق والالتزام والانضباط والانتماء والاخلاص والتفاني وقبول الاخر والتفكير الجماعي والتعاون وحب العمل والانتاج وغيرها من اخلاقيات الحضارة التقدمية والمبنية على الحرية والديمقراطية والعدل والسلام وكرامة الانسان ورفاهيته واستقلاليته وتحقيق ذاته واشغال حيزه في الوجود بالشكل اللذي يستحقه وممارسة كافة حقوقه بحياته
هذه الحالة الواجبة للانسان ان يكون بها كي يفهم ويدرك ويستوعب ويتعاطى ويتفاعل مع الفكر العلماني
اما اسلوب الاقناع فهو حشو المعلومة داخل دماغ الانسان بطرق لا تستدعي التطور العصبي او الجسدي او النفسي على صعيد الاخلاق والسلوك الحضاريين ولا تستدعي او تتطلب خبرة الحياة ولا تقنيتها ولا اي شيء مما ذكر من متطلبات الفهم العلماني
لانه كما قلنا الفكر الغيبي هو ما يلزم ادخاله للدماغ باسلوب الاقناع وان الفكر الغيبي هو من خارج حدود المادة فلا يستوجب خبرة وممارسة مع المادة والحياة بحدود الطبيعة
والاقناع يعتمد على طرق اهمها طريقة الاعجاز اي ان ترفق الفكرة بمعجزة مثل فكرة محمد على انه رسول من عند الله لا تدخل دماغ الانسان اللا من خلال معجزة والمعجزة تعني الحدث اللذي لا يوجد له مثيل في مسرح الحياة المادية ويستحيل حصوله وتحقيقه وانه خارج مستوى استيعاب العقل بالادراك الحسي
والطريقة الثانية المستعملة بالاقناع هي الترغيب والترهيب مثل الجنة كترغيب تستعمل لاقناع المسلم بفكرة الجهاد والنار كترهيب تستعمل لفكرة الزنى او شرب الخمر
والطريقة الثالثة هي طريقة التلقين وتستعمل لاعطاء المواعظ والحكم والتوجيه السلوكي والتربوي والتنشئة للصغار
والطريقة الرابعة طريقة القوة وهي الاقناع بالاسلام بحد السيف مثلا
وهناك طرق كثيرة اخرى تستعمل للاقناع واستعملت عبر تاريخ البشرية باشكال عديدة وكانت ارقى طريقة استعملت كما هو بالحضارة اليونانية هي الفلسفة
والفلسفة هي لعبة التحايل والتضليل على الدماغ لادخال الفكرة له دون ارادة
واستعملت طريقة السحر ايضا عند الهنود وطرق عديدة
بالمقابل فان العلمانية لها طريقة واحدة لايصال الفكرة وهي طريقة الاثبات العلمي بتوضيح المميزات المادية والخصائص والقرائن والارتباطات والدلائل والقياسات والاستنتاجات المنطقية والمدركات الحسية والمتميزات المعرفية والذاكرة العملية وكل ما يثبت صحة الفكرة من دلالات مادية مطلقة
يستعمل الفكر الغيبي داخل الفكر العلماني لغرض تقريب الفكرة وتبسيطها كالرسم التخيلي او توهم صورة تقريبية لحالة مادية طبيعية قبل اكتشافها كان نرسم مجسما تقريبيا تصوريا لمركبة فضائية ننوي تصميمها للذهاب للمريخ او مجسما وتخطيطا لبناية قبل بنائها وهكذا
ولكن لا يستعمل الفكر الغيبي لتخيل الله مثلا والاستسلام للجهل وعدم المعرفة وعدم البحث وعدم ممارسة الحياة وتطويع المادة لهدف بناء حضارة الانسان ورفاهيته ونقول ان الله يعلم كل شيء وانه قادر على فعل كل شيء ونحن نرضى بنعمته
الفكر الغيبي في دماغ الانسان يجب ان يعمل بشكل متوازي مع الفكر العلماني لخدمة حياة الانسان وتطوره وتقدمه وبناء حضارته بشكل افضل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق