تحديات الفكر العلماني
ما زال الفكر العلماني المادي الطبيعي في بداياته وما زال الفكر الغيبي يشمل الساحة الثقافية باغلبيتها بسبب ضغط المعتقد والفكر الموروث والنظام الرجعي الاستبدادي اللذي يحكم المجتمع والبيئة الاجتماعية ذات المرجعية القبلية والسلطة الابوية الذكورية وضعف الامكانات والتنظيم وغياب المنطق الثوري والحس الاستنهاضي وارادة التغيير والنمو والتطور وفي ظل ثقافة عدم قبول الاخر والخوف من الغريب وعدم النزعة نحو التجديد والنزوع نحو النمطية والجمود والتقوقع في المكان وتقديس بواكير الزمان وعدم التخطيط الاستراتيجي نحو مستقبل افضل والبقاء في ظل ثقافة القناعة والرضى بحكم القدر وعطية الحاكم والله ولي التوفيق وهو رب العباد
في بيئة اجتماعية يعيش الانسان بها فاقد للثقة بنفسه لانه مجرد من انسانيته ومحروم من كل حقوقه بالحياة ومنها الحرية والعدالة والامن والاستقلال وامتلاك نفسه وقراره والمشاركة في اتخاذ القرارات اللتي تشمل حياته ومصيره
في بيئة تغلب عليها حياة الفقر والحرمان والقهر والظلم والفساد والطغيان
والتحقير والتهميش والاقصاء والالغاء والسجن والقتل والتدمير والهدم والافناء
في بيئة لا قيمة للانسان بها ولا قيمة للحياة والمجد للعدم والفناء
في كل هذا المعمعان والتحدي الكبير ينهض الفكر العلماني متخذا على عاتقه ازاحة تراكمات التاريخ العربي من الجهل والفقر والتخلف والرجعية والتقهقر
ويقوم بوضع عناصر الحياة في مكانها الصحيح في معادلة الحياة وتفعيلها وتحريك المعادلة بعد سبات وتحريك عجلة البناء والحضارة الى امام واستنهاض الهمم وتنشيط الاجساد والانفس والادمغة وبناء شخصية حديثة للانسان وميلاد الشخصية العربية الجديدة الحرة الفاعلة الراقية المتحضرة القادرة على اداء واجبها الانساني الحضاري واتخاذ دورها اللازم في الحياة وبدء صفحة جديدة من تاريخ مزدهر مشرق
هذا وعلى الفكر العلماني واجبات مترتبة ومهام كبيرة تنتظره للقيام بها تراكمت عليه عبر تاريخ طويل من التغيب العربي عن واجب المشاركة في ركب الحضارة الانسانية على سبيل البناء والعطاء والمساهمة في حياة تقدمية
ولذا يحتاج الفكر العلماني بالبيئة العربية تضافر كل الجهود الفكرية والثقافية والعملية الانتاجية والاخلاقية الانسانية الحرة للوصول به باقصى سرعة الى مستوى الصيرورة والفعل والتطبيق والانتاج والشمول في بناء الشخصية العربية وبرنامج حياته لوضعه على الطريق الصحيح بموازاة باقي الشعوب الحرة المتحضرة
بهذا فان حجم المسؤولية كبير فهو يحتاج الى جهد كبير وارادة قوية للبناء والتقدم والتغيير خصوصا وان الفكر العلماني يندر مناصروه في بحر متلاطم من الاعداء في كل مكان وهم السواد الاعظم من الجاني والضحية على حد سواء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق