الثلاثاء، 15 فبراير 2011

هل ما حصل في مصر ثورة ام تغيير للنظام ؟


هل ما حصل في مصر ثورة ام تغيير للنظام  ؟

 

ليس المطلوب ولا من المامول ان تتحول الثورة المصرية الى اسطورة بطولية قومية عربية

ولا ان تتحول الى قصة سحرية فرعونية

ولا ان تتحول  من ثورة مصرية ذات الشان الخاص المصري الى ثورة عالمية في مجال الحرية وكان الشعب المصري قد قطع مراحل حضارية سباقة في هذا المجال

ليس المامول ان يذهب المنظرون والخطباء والمتفلسفون المثقفون ومن يسمون انفسهم بالوطنيون الثوريون الجدد الى الاستشاطة في مدح الثورة والباسها الاثواب المزركشة من كسوة الاحتفالات الوطنية والقومية العربية  وتتويجها بالبطولية العالمية

ان هذا يصيب الثورة في شلل وخدر وتقاعس ويوهمها بانها انجزت ما عليها وانتهى الامر وينفك المولد وينصرف كل مهتم بها الى حاله وتنهار الثورة وتموت وهي مازالت جنينا يتعلق في رحم امه لم ينمو ليكتمل نموه ولم يولد بعد انما هو الان في مراحل نموه وتكوينه وما حصل لغاية الان هو سقوط راس النظام فقط وهذا يعني ان جنين الثورة قد تشكل ومصر  قد تم اعلان حملها بجنين الثورة

ان ما حصل تحديدا في مصر بالعرف السياسي هو انقلاب على الشرعية الدستورية وتغيير النظام فقط هذا هو الحدث بتعريفه المجرد

ولكن لماذا سمي ثورة ؟

الجواب ان ما  هو مامول بعد تغيير الدستور وتغيير النظام ان يصار الى ثورة والثورة هنا تعني تغيير شامل في الشخصية الوطنية والحياة الوطنية بموازاة تغيير النظام  طبعا نحو الافضل وعملية التغيير هذه تتم على مبدا التطوير والتنمية والبناء والانتاج والتحسين وتحقيق مستوى حضاري راقي تقدمي متميز عن ما سبقه من مستوى متدني نسبيا

وبهذا المعنى فان ما حصل في مصر حقيقة هو بداية الثورة واول خطوة لتحقيق الثورة الا وهي ازالة النظام اللذي يمنع الثورة من تحقيق ذاتها

وهذا يخص تحديدا الشعب المصري بخصوصيته الوطنية المعيشية في  كل جوانب حياته ونظرا للمستوى المعيشي المتدني جدا للشعب المصري ولتعقيدات حياته الدستورية والقانونية والادارية والسلطوية واللتي انعكست سلبا على تعقيد شخصيته في بناء اخلاقياتيه وقيمه وسلوكه وطريقة تفكيره وايدولوجيته ومنهجه وطريقة ادائه وانتاجه وكم ونوعية هذا الانتاج اصبح بحاجة ماسة الى ثورة في ظل العصر الراهن للحضارة الانسانية ومتطلبات الحياة وتطوراتها ومتغيراتها  وتجليات الانفتاح العالمي اللذي شمل الشعب المصري

ليست المسالة هي ان الشعب المصري ثار منذ الاف السنين وتحرر منذ عهد فرعون وانه قاد العالم الى الحضارة المتقدمة الحالية وانه هو من اسس الحضارات الانسانية على مبدا ان مصر ام الدنيا

كل الاحترام والتقدير والعرفان لدور مصر الحضاري في التاريخ ولموقعها الثقافي والتاريخي والجغرافي العربي والدولي وكل الامتيازات اللتي تتصف بها على انها ذات فضل على العرب والعالم كله  هذا كله في الحسبان والعرفان

ولكن علينا على ان لا نخسر الثورة ولا نخسر الشعب المصري ولا مصر ان ارادت ان تبقى على موقعها وقيمتها الحضارية الريادية في الزمان والمكان ولنفكر ونقيم دون عواطف ودون عنجهيات غبية او عنصرية جوفاء والقفز عن استحقاقات الثورة المرحلية بكل تفصيلاتها المعقدة الواجبة على الشعب المصري

ومن اهم هذه الاستحقاقات بدءا بالفرد المصري كانسان يحتاج الى اعادة هيكلة لشخصيته وتاهيلها عقليا ونفسيا وجسديا كي يستوعب فكر الثورة واخلاقيات الثورة وقيمها ولكي يقدر على انجاز الاعمال اللتي تتطلبها الثورة باسلوب ثوري

ثم يحتاج الى تعليم ثوري وتنشئة وتربية ثورية واعادة صياغة فكرية شاملة بداية من ابجديات تراثه الثقافي التربوي وعقيدته ومنهجه ونهاية الى آخر ما توصلت له العلوم الطبيعية والانسانية على صعيد علم الحياة الثورية

وفي المرحلة الثالثة يحتاج الى توفير بيئة وطنية ثورية شاملة لكل ميادين الحياة من السياسة والاقتصاد والتعليم  والانتاج والحياة الاجتماعية العامة وغيرها

وفي هذا الهيكل الثوري اللذي يعتبر الانسان محوره والحكومة  مظلته والوطن مادته كمقومات ومقدرات وثروات لبناء الثورة واستمراريتها ودعمها بالطاقة اللازمة للعمل والبناء

وبعد قطع مراحل زمنية كافية لتحقيق انجازات نوعية وكمية تظهر نتائجها واضحة وطاغية على الانسان والحياة وتصبح نمطا حضاريا جديدا حيث نقول ونشير بالبنان الى مصر الجديدة وشعب مصر الجديد ودور مصر الجديد

نقول ساعتها ان هذه هي الثورة المصرية ولنا الحق في ما نقول من وصف حقيقي لها بمنجزاتها الفعلية

نتمنى لمصر ان تحقق انجازات ثورية حقيقية على كل الصعد الحياتية وان تبدا بالانسان المصري  بتاهيله واعداده  كي يكون عنصرا ثوريا فاعلا منتجا مؤثرا

وان تصل الى مستوى الثورة الحقيقة في العلم والثقافة والفكر والسلوك الحضاري والاخلاق والقيم الاجتماعية والى اسلوب العمل والانتاج والى نوع وكم الانتاج وبالتالي الى تبوء موقعها الفاعل على مسرح الحضارة الانسانية وتعود الى  حظيرتها الحضارية التاريخية المعهودة بنشاط وكفاءة عالية لتعوض ما فاتها من فترة التاخر والتراجع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق