الأحد، 6 فبراير 2011

ثورة تونس خير مثال يحتذى به للعرب كافة


 

ثورة تونس خير مثال يحتذى به للعرب كافة

 

انها ثورة خالصة وطنية صادقة ذات طريق واحد واضح وهدف واحد واضح وتفاعل متجانس مركز

سارت نحو الحرية ووصلتها

هدفت لازالة النظام وازالته

هدفت لتوحيد الصفوف ووحدتها

...هدفت لاحياء الحس الوطني الخافت واحيته

هدفت لرفع صوت المهمشين والمحرومين والمعدمين وفعلت

الثورة التونسية حققت ذاتها كثورة على ارض الواقع فعلا لا قولا فحسب

وبقيت ثابتة راسخة لم تثنيها اي محاولات لطمسها وتغيير مسارها

ثورة   اتت ثمرة وعي ونضج اجتماعي عام وبنسبة كبيرة ومتنتوعة

ماحصل في تونس ليس مجرد تظاهر ضد السلطة وليس مجرد تظلم وتشكي وعرض مطالب

ان ما حصل حقيقة في تونس يعتبر طفرة حضارية تونسية شاملة لم تستثني احدا من افراد الشعب التونسي كاملا

هو تغير في تركيب الشخصية التونسية بكلها وشموليتها على صعيد الفكر والمعتقد والنفسية وهيكل الشخصية ذاتها

هذا التغير حصل لاسباب اهمها :

1-انفتاح الشعب  التونسي على اوروبا حيث ان نسبة كبيرة من الشباب التونسي يعمل في اوروبا بفرنسا واسبانيا والدول الاسكندنافية وغيرها وقد اكتسب خبرة ومعرفة لكيفية واسلوب حياة الشعوب المتحضرة واستقى من علومها وتقنية حياتها البرامج الحياتية الحديثة واللتي من خلالها اصبح قادرا على تنظيم حياته وصياغة برامجه وتحديد اهدافه والاندماج مع متطلبات العصر الحديثة

2- الشعب التونسي من الناحية الفيزيولوجية هو شعب عملي منتج ومتفاعل مع الحياة ويميل بطبعه للتجديد والتغيير والبحث عن الافضل وهذا ما اكسبه مهارة وتقنية في صنع حضارته وتطوير ذاته واستغلال امكانياته بافضل طريقة للحصول على افضل النتائج واكثرها فائدة

3- التركيبة الاجتماعية التونسية ولاسباب تاريخية وعرقية هي تركيبة عاطفية حميمية اي ان العلاقات الاجتماعية علاقات حميمية مبنية على المحبة والتعاون والاحترام المتبادل وخالية من العنصرية والكراهية اللا ما ندر من تصرفات شاذة بسبب وجود العصابات ودخول بعض التصرفات الاجرامية  من الخارج لاسباب اقتصادية واستغلالية نفعية لكنها لا تشكل   جزءا اساسيا من هيكل الشعب التونسي ولا تشكل تهديدا حقيقيا لانهيار نسيجه القوي

4-المعاناة اللتي عاشها الشعب التونسي لسنين طويلة من القمع والحرمان وكبت الحريات والفقر والاعتقالات والتهجير والنفي والتصفيات والتهميش والبطالة والدكتاتورية والاستبداد وتبديد الثروة بشكل غير عادل ومنع الديمقراطية وسياسة نظام الفرد والحزب الواحد والفساد والمحسوبية واغلاق سبل الحياة امام الطبقة الاجتماعية العاملة والبسيطة والعامة وغيرها الكثير من المعاناة كل هذا خلق لدى الشعب التونسي القدرة على وعي المرحلة والنضج والفهم والادراك للواجب الفردي والاجتماعي اتجاه  الذات  واتجاه الوطن وفهم الدور الحضاري الصحيح وعلاقة الفرد مع الشعب والشعب مع باقي شعوب الارض ومع الوطن والسلطة وكيفية علاقة السلطة مع الشعب ودورها

كما تولدت قدرة التخطيط ووضع اهداف في الحياة العامة والخاصة وقدرة التحرك المشترك والتفكير المشترك والاحساس المشترك وقدرة التنظيم والتحدي والتواصل ورغبة التغيير وارادة الحياة والعمل والانتاج والابداع والتقدم

ومن هنا خلقت مفاهيم جديدة لدى الفرد والشعب مثل الحرية والديمقراطية وحكم الشعب لذاته هذه المفاهيم لم تعد مجرد مصطلحات يتناقلها المثقفون ويحفظونها عن ظهر قلب لا بل اصبحت منهجا واسلوب حياة متكامل فكرا وعملا واحساسا

 

كل هذه العوامل والمعطيات اجتمعت في شخصية الفرد والشعب وضمن اطار الوطن وفي المؤسسة والدائرة والمدرسة والجامعة والشارع وكل زوايا مسرح الحياة اليومية العامة في تونس

شكلت هذه المعطيات المادة الاساسية لصناعة الثورة واستمدت  الثورة طاقتها وهيكلها واركانها وثقلها وزخمها وقوتها واستمراريتها من هنا وحددت اهدافها من هنا ورسمت خططها وحققت نجاحها من هنا

 

العبرة والخلاصة ان اي ثورة كي تكون ثورة بمعنى الكلمة اي ان تشكل نقطة تحول وتغيير جذري في حياة الشعب الثائر ولكي تصل الى اهداف حقيقية ملموسة تصب في اطار التغيير يجب ان يكون لها ارضية وعوامل واسس وحيثيات ومنطلقات ومقومات ومادة وطاقة

هذا ياتي بفعل تفكير وتخطيط وبرمجة وتوجيه وتشخيص وتحديد وفهم وادراك وتجربة وممارسة ومشاركة وتواصل وتنظيم

ومن يقوم بهذا العمل كله هم الطليعة الثورية اللتي تشتمل اولا على طبقة المثقفين والمتعلمين والاكاديميين والمهنيين ورجال النفوذ  الاجتماعي والاقتصادي والسياسي

وقد حصل هذا في تونس ولمسناه من خلال تتبع انتفاضة الحرية هناك ودراسة تفاصيل حركة الانتفاضة منذ بدايتها وحتى هذه اللحظة حيث ما زالت مستمرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق