مفهوم الالحاد والعلمانية والدين
الملحد هو الانسان المسيحي اصلا والمؤمن بالديانة المسيحية المتمرد على الكنيسة بزعمها ان اليسوع هو الله حيث يقول الملحد ان اليسوع ليس هو الله وانه لم يعد يؤمن بالوهيته
والالحاد ظهر في القرن الخامس عشر الميلادي في اوروبا اللتي كانت تحكمها الكنيسة المسيحية في ذاك الوقت وقد خرج مفكرون ومنهم من قيادات الكنيسة يشككون بالوهية اليسوع وانشقو عن الكنيسة وشكلو اتجاها دينيا على شكل حزب ديني اسمه الملحدون هم مختلفون فقط عن الاخرين بان اليسوع ليس هو الله
وقد كان في ذاك الوقت طائفة من العلماء الطبيعيين والمفكرين والكتاب والادباء وكبار الرجالات الاقتصادية من اصحاب المصانع والشركات ورجال الاقطاع ورجال الاعمال والمتنفذين والوجهاء من كل هذا الخليط كانت طائفة تسمى العلمانيين او الطبيعيين او الماديين ثلاثة اسماء لنفس المسمى وهؤلاء اتجاههم هو على النقيض من الكنيسة حيث انهم يهتمون بالمادة والطبيعة والحياة ولا يؤمنون او يفكرون بالغيبيات وكون الدين هو جزء من الغيبيات فهم بطبعهم لا دينيون
اصبح الفرق بين العلماني والملحد هو ان الملحد غيبي بصفته المنهجية لكنه لا يعترف بالله اما العلماني هو لا يفكر اصلا بالله او الغيبيات فهو مادي طبيعي
ما حصل في الثورة العلمانية في القرن الثامن عشر واللتي بدات في فرنسا ان العلمانيين اللذي قامو بها ضد الغيبيين اللذين كانو تحت قيادة الكنيسة المسيحية هو ان الملحدين المنشقين عن الكنيسة اتحدو مع العلمانيين ضد الكنيسة ونجحت الثورة وبعدما تشكلت السلطة العلمانية كان للملحدين نصيب في مواقع اتخاذ القرار والسلطة ونظرا لطبيعتهم الفكرية الدينية اصلا قدرو من خلال مواقعهم ان يحصلو على نص قانون يبيح حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية داخل السلطة العلمانية ولكن مع الوقت وتطور الحياة وظهور العلوم والتكنولوجيا واضمحلال الفكر الغيبي وتنحي الكنيسة والدين عن مسرح الحياة اصبحت الحياة تدار بالفكر العلماني بمطلقها وكل مساحتها وبقي قانون حرية المعتقد هو قانون شكلي فقط يعطي انطباعا عن السلطة العلمانية بديمقراطيتها وعدالتها واصبح وجود هذا القانون بمثابة قطعة اثرية في متحف العلمانية لا ضرورة لاستخدامه حيث لم يعد للغيبيين او للكنيسة اي سلطة تذكر
اما في الوسط العربي حيث الدين الاسلامي هو المسيطر على كامل المساحة الحياتية والفكرية وحيث ان العرب بغالبيتهم غيبيون والدين الاسلامي هو محور وعماد فكرهم الحياتي وان النسبة القليلة العلمانية من الفكر المادي الطبيعي في الوسط العربي لا يوجد لها سلطة او قرار في تسيير الحياة العامة فالوضع مختلف تماما عن ما هو في اوروبا
من ناحية العلمانية هي منهج الفكر الطبيعي المادي وهذا المنهج منهج انساني احد منهجين لا ثالث لهما وهما المنهج الطبيعي والمنهج الغيبي
والمنهج الطبيعي هو اللذي يهتم بالطبيعة والمنهج الغيبي يهتم بما هو خارج الطبيعة
اصبح ان المنهج العلماني وجد مع الانسان منذ ميلاده على سطح الارض فهو ليس خاص باوروبا او الميسحية او غيرها هو منهج لكل انسان منذ بداية الحياة والى يومنا هذا والمنهج هو نتاج حالة عضوية في جسم الانسان وليس نظرية او فلسفة خاصة بصنف من الناس او حزب او جماعة فالمنهج العلماني ينتج من النصف الايسر لدماغ الانسان اذن انه بطبيعة هذا الجزء معالجة الافكار الادراكية الحسية المتصلة من المادة الطبيعية للحياة والكون اما الجزء الايمن من الدماغ فيهتم بالافكار القادمة من خارج الطبيعة والمادة الكونية مثل التصور والوهم والخيال والعاطفة وغيرها
وعلى هذا فان مصطلح الالحاد لا مكان له بالفعل في مقابل الديانة الاسلامية لان الاسلام يصنف الناس الى صنفين اما مسلم او كافر
والكافر هنا يقابله ويمثله العلماني بمعنى ان الاسلام يمثل المنهج الغيبي والكفر يمثل المنهج العلماني
ولذلك نجد ان الاسلام يصنف اليهود والمسيحيين على انهم اهل كتاب ويعاملهم من اهل الذمة هذا لانهم غيبيين فهم يتبعون منهج الغيبية اللذي منه الاسلام فكل الديانات هي من منهج واحد وهو المنهج الغيبي
اما ما هو طبيعي مادي لا ديني لا غيبي فهو بالنسبة للاسلام يصنف كافرا
ونحن نصنفه في علم الانسان علماني
لذا فان الدولة العلمانية في الوسط العربي الاسلامي لضرورة قيامها واستلامها السلطة في البداية فقط يلزمها ان تتعاون مع المعتدلين الاسلاميين اللذين لا يفرضون شريعة الاسلام كنظام حكم واللذين يقبلون بالشرائع المدنية كبديل لذلك ثم مع اتساع نفوذ السلطة وسيطرتها على مجالات الحياة المختلفة وخاصة مجال التعليم والتربية والثقافة والاعلام ومسك المصالح الاقتصادية المعنية بحياة السكان ورفاهيتهم سيتم من خلال هذا اعادة برمجة الناس برمجة فكرية جديدة تصب في اطار العلمانية والعمل على تقليص مساحة الفكر الغيبي بالتوازي مع تطور الحياة ونمائها في ظل السلطة العلمانية
الصعوبة تكمن في كيفية استلام سلطة علمانية كبداية تجربة سيادية في وسط غيبي حكم الشعوب العربية لالاف من السنين واصبحت لهذا الحكم المنهجي توابع وراثية واصول عضوية في الشخصية الاجتماعية والتركيبة الحياتية
ولتجاوز هذه المرحلة الصعبة المعقدة تكون المهام المترتبة على العلمانية صعبة جدا وكبيرة فهي بحاجة لثورة شاملة عارمة على كل المستويات وفي كل مجالات الحياة
ونحن كعلمانيين ماضون في هذا الصدد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق