فكر الانسان المعاصر
لئن كان الله موجودا حقيقة فان الانسان لم يعد بحاجة له كونه تطور ونضج ونما الى الحد اللذي يعتمد كليا بحياته على نفسه بفضل علمه ومعرفته وتجربة حياته ومهاراته الحياتية والتقنية اللتي اكتسبها في عمره وبفضل تطوره عصبيا وجسديا
اما بالنسبة للديانات فهي ادوات حضارية بدائية وفلسفات حياة استعملها الانسان بفترات معينة في حياته لزوم المرحلة للتطور وتواصل الحياة والحفاظ على النوع والتكاثر والنسيج الاجتماعي والتراث الانساني والحضاري والانتاج والقيم والاخلاق والمثل وتجربة الحياة التراكمية والمعارف والمهارات والعلوم والانتقال الى مراحل متقدمة تحقق مستوى اعلى من الرفاه والسعادة والرخاء للانسان
هذا وبعد وصول الانسان الى ارقى المستويات من التشكيل الحضاري في كل المجالات الحياتية فلم يعد بحاجة للرافعة الحضارية القديمة البدائية اللتي استعملها وهي الدين للوصول الى هذا المستوى
اصبح بهذا المنظور المنطقي ليس الانسان عموما بحاجة لله او الدين وعلى هذا فان مسالة الايمان والفكر الغيبي لم يعد لهما قيمة تذكر في حياة الانسان سوى انها تعمل على تحديد قدراته الفكرية ومنعه من التعلم والانفتاح والتطور ومنعه من الانسجام مع متطلبات العصر والوصول الى مستوى التحدي لمواجهة تحديات الحياة المعاصرة بتعقيداتها التقنية والعلمية وتحديات الطبيعة بكثرة وتنوع تحدياتها البيئية وعناصرها اللتي تهدد حياة الانسان الى درجة الفناء
واصبح الايمان والفكر الغيبي يعملان على انحدار المستوى الاخلاقي والقيمي للانسان المتحضر المعاصر عن المستوى الراقي اللذي يجب ان يكون به فيجنح الى العدوانية والارهاب والخداع والفساد والتطفل والاستهلاك والاغتصاب لحقوق الاخرين والتسلط والظلم والقهر والحرمان والتفرد في الحكم وغيرها من اخلاقيات الهدم والتدمير والتخريب لحضارة الانسان ووجوده ورفاهه ورخائه وسعادته
اذن تحول الايمان المشتق من الدين والفكر الغيبي وهو منبع الدين ويتمثلان هاتين الحالتين بالدين ويندمجان به الى معول هدم حضاري وتاخر وقتل وتدمير وابادة وفناء لعنصر الانسان ووجوده وكيانه في الوقت المعاصر من تاريخ الانسان بدلا من حالة كونه رافعة حضارية وسببا للحفاظ على حضارته في التاريخ القديم
وعلى الانسان اليوم ان يعي هذه النقطة الحساسة في تحول المنطق الحضاري له بفعل التطور وبفعل تعاقب الزمن والتغير الطبيعي والبيئي المحيط به وعلاقة الانسان بهذا التغير وتفاعله المباشر معه والتاثر المباشر منه حيث ان الانسان جزء مادي يحيى في وسط مادي وما يجري في هذا الوسط يندرج عليه
وقانون المادة في الطبيعة يقول ان المادة تتحول من شكل الى آخر وتتطور تبعا للزمن والتقادم وتتغير بما يناسب طبيعة المرحلة والطبيعة دائما وابدا تتجه في حراكها نحو الافضل وبما ان الانسان ككيان مادي مطلق فهذا القانون ينطبق عليه تماما ومن منطلق ان لا اله والحياة مادة ولا شيء خارج حدود المادة يحدد منهج الانسان بالحياة او له علاقة بوجوده
الله مجرد وهم وهو فكرة خيالية وهمية مبتدعة من عمق الفكر الغيبي للانسان البدائي
والدين فلسفة حياة ورافعة حضارية بدائية قديمة حيث بداية تشكل حضارة الانسان ونموه وتقدمه ورقيه وتطوره وضرورة حفاظه على نوعه وتكاثره وحفاظه على مكتسباته وامتيازاته واستحقاقاته الحياتية المعاشية
الانبياء هم اناس خليط من الفلاسفة والحكماء والقيادات الفكرية والثقافية والعسكرية والمجربين والمهرة والاذكياء والمتميزين والفاعلين والكادحين والطليعيين وكبار قومهم وآخرين لهم قدرات على القيادة الاجتماعية والحنكة الحياتية
الفكر المعاصر للانسان هو الفكر الطبيعي المادي المتمثل بالعلمانية المنطلق من اساس ان الحياة مادة ولا شيء غير المادة
تقول : ان مسالة الايمان والفكر الغيبي لم يعد لهما قيمة تذكر في حياة الانسان ـ ماذا لو انقطعت بك السبل في خضم بحر متلاطم ... فما الشيء الذي تلجأ إليه لعله يساهم في إنقاذك ؟ أم ترى ذلك الشعور مجرد وهم ولا وجود له في الحقيقة ؟ ثم ما تفسيرك للمعجزات ، هل هي أيضا وهم ؟
ردحذف