القومية العربية والاحزاب الاسلامية والنظام السوري
القومية العربية هي الام اللتي فرخت الاسلام وهي الحاضنة للاسلام واللتي ترعرع الاسلام في كنفها وانطلق انتشارا من ديارها ونمى على ارضها وترسخ في عقلياتها وشرب حليب الصبى من ثديها واستمد دماءه من رحمها
ولولا القومية العربية بحضورها وزخمها ووجودها لما كان الاسلام منهجا او فكرا او معتقدا او مبدأ ولما سجل حضورا حضاريا واستمر الى يومنا هذا
القومية العربية والاسلام صنوان لا ينفصلان وعضوان لجسد واحد انفصال احدهما عن الاخر يعتبر موتا لهذا الجسد اللذي يوصف باسم الكيان العربي الاسلامي
ما دعاني لسرد هذه المقدمة من الحديث هو ادعاء حزب البعث السوري ان الاسلاميين السلفيين والاخوان المسلمين والاحزاب الاسلامية الاخرى مثل حزب التحرير وكل ما ينادي بالاسلام منهجا حياتيا على غرار دعاة الاسلام السياسي ادعاؤه ان كل هؤلاء اعداؤه وانهم من يسعون لاسقاط النظام في سوريا وانهم اعداء القومية العربية
طبعا هذا منطق اسخف من سخيف لانه لا ينطلي اللا على العقول الساذجة والاغبياء واللذين راهن عليهم حزب البعث العربي الاشتراكي منذ انطلاقته وكما راهنت الاحزاب القومية العربية مثل حزب القوميين العرب من قبله على الغباء العربي وسذاجة المواطن المغيب المضطهد المسحوق اسير الظلم والاستبداد التابع قسرا لقطيع الموالين للنظام والمساقين الى حظيرته
لو تفحصنا هيكل الحزب العربي القومي ونظامه وشعاره واهدافه وقانونه وتركيبته وفحواه لوجدنا انه حزب اسلامي بامتياز من الشعار الى الاهداف الى نظام الحزب الى تشريعاته وقوانينه لكنه مغلف من الخارج ببعض الاكسسوارات والبهرجات الوصفية الكلامية المشهية للانضمام اليه وتاييده وتساوقا مع حركة النهضة الشرق اوسطية في فترة الستينات اللتي فرضتها اوروبا وامريكيا على شعوب المنطقة لخلق سوق تجاري لها ولتهيئة الاجواء الحياتية للفنيين ورجال الاعمال والتجار والمستثمرين الاوروبيين والامريكان وتعايش شركات النفط وخلق اجواء من العلاقات المتناسبة وكفاءات ادارية واقتصادية وانتاجية لتخدم مصالحهم
ياتي حزب البعث ليطرح شعار امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة والحزب الاسلامي يطرح امة واحدة والاسلام رسالة خالدة اذا ما الفرق وان كان هناك فرق وخصوصية اليس الاسلام نتيجة محصلة للامة العربية وعضو اساسي في كيانها ؟
اما الاكسسوارات اللتي اضافها وهي وحدة حرية اشتراكية
وطوال فترة حكم حزب البعث بالعراق وفي سوريا لن نجد من هذا الشعار الاكسسواري التجميلي المزيف الكاذب لحقيقة المعاني من ناحية التطبيق سوى الضحك على السذج والبسطاء والاستخفاف بعقول الناس
فلا وحدة تحققت ولا حرية ولا اشتراكية بل ترسخت التفرقة وانمنعت وحرمت الحريات بكل انواعها واستفرد رجالات الحزب وقياداته على اموال الشعب ومقدراته وكرسو الطبيقية فالشعب السوري مثلا تسعون بالمئة منه فقير معدم مسحوق وعشرة بالمئة من قيادات الحزب والطغمة الحاكمة باسم الحزب تتفرد بكل خيرات الوطن والدخل القومي وتعيش حياة مرفهة الى ابعد الحدود مطبقة بذلك قوانين الراسمالية الاحتكارية الاستبدادية
ونعود الى التشريعات والقوانين ونتفحصها اليست كلها على الاطلاق مستمدة من الشريعة الاسلامية ؟
اليس قانون الطوارىء المعمول به بسوريا منذ اربعين سنة هو قانون الدولة العثمانية ما قبل سنة 1924 المستمد من الشريعة الاسلامية ؟
اليس الارهاب والظلم والقتل واحتكار السلطة والثروة الوطنية واسلوب التسلط والتحكم وقمع الحريات ومنعها وتكريس علاقات العدوانية واغتصاب حقوق المواطن والتعذيب والاعتقال وامتلاء السجون كلها من اساليب الاحزاب الاسلامية ؟
هذا وليس حزب البعث في سوريا فقط فهناك التجربة البعثية البائدة في العراق ايضا خير دليل على ما اقول وقد انتجت شعبا محطما فقيرا مفككا متناحرا تحكمه الطائفية والعدوانية والانحلال والانفلات والتخلف والتشرذم
نعم هذا كله نتاج العقلية العربية وهل العقلية اللتي انتجت الاسلام قادرة على انتاج وطن نموذجي تزدهر به الحضارة والتقدم على يد مواطن متحضر نموذجي ؟
القومية العربية ارض بور كالصحراء اللتي انجبتها لا تنبت خيرا ولا ثمرا انما تنبت بؤسا وفقرا وشرا
لئن كان السلفيين والاخوان المسلمين هم من يريدون تمزيق سوريا وتحطيم كيانها وتحويلها الى لقمة سائغة للاعداء فالحق يقال ان حزب البعث السوري هو المجرم الاول والاخير وهو التربة الخصبة اللتي انتجت هؤلاء الاعداء
ثم اين هو المواطن العربي الطليعي المتحضر النموذج المتحرر الاشتراكي الدمقراطي العلماني المنتج الخلاق المبدع العامل الفاعل المتعلم المثقف الخلوق المنتمي المخلص الصادق واللذي يحمل كل مواصفات الانسان العصري القادر على صنع وطن يحاكي العالم المتحضر بكل المعاني والصور
هذا المواطن اللذي كان هدف وشعار حزب البعث منذ انطلاقته وفي اولى ادبياته على لسان مؤسسه ميشيل عفلق
هل حقق حزب البعث سواء في العراق او في سوريا هذا الهدف الاولي اللذي يقود لامة عربية واحدة حرة اشتراكية نموذجية متميزة قادرة على تبوء مكانها الحضاري اللائق بها على مركب الحضارة الانسانية اسوة بباقي الحضارات المتقدمة ؟
الجواب لا ولا اي شيء يذكر تحقق من ادبيات الحزب وبديهياته واولوياته وشعاراته البراقة والسبب طبعا ليس نتيجة تكالب الاعداء عليه كما يدعون المغرضون وليس نتيجة ضعف الامكانيات او الهزات السياسية اللتي حصلت في المنطقة وليس الصراع العربي الاسرائيلي وليس كل الاسباب اللتي يدعيها قيادات الحزب وانما السبب الرئيسي هو لان الحزب بجوهره هو حزب اسلامي كما ذكرت في بداية حديثي
وعلى هذا فان وصف حزب البعث السوري للاسلاميين بانهم اعداء الوطن وارهابيين ومخربين ما هو اللا لعب في الوقت الضائع واقول لهذا الحزب لقد انتهى وقتك وانتهت لعبتك وراحت عليك فحفظا لماء وجهك لملم اغراضك وارحل بكرامتك قبل ان تداس في شوارع سوريا باحذية السلفيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق