السبت، 23 أبريل 2011

القومية العربية والاحزاب الاسلامية والنظام السوري


القومية العربية والاحزاب الاسلامية والنظام السوري

 

القومية العربية  هي الام اللتي فرخت الاسلام وهي الحاضنة للاسلام واللتي ترعرع الاسلام في كنفها وانطلق انتشارا من ديارها ونمى على ارضها وترسخ في عقلياتها وشرب حليب الصبى من ثديها  واستمد دماءه من رحمها

ولولا القومية العربية بحضورها وزخمها ووجودها لما كان الاسلام  منهجا او فكرا او معتقدا او مبدأ ولما سجل حضورا حضاريا  واستمر الى يومنا هذا

القومية العربية والاسلام صنوان  لا ينفصلان وعضوان لجسد واحد انفصال احدهما عن الاخر يعتبر موتا لهذا الجسد اللذي يوصف باسم الكيان العربي الاسلامي

ما دعاني لسرد هذه المقدمة من الحديث هو ادعاء حزب البعث السوري  ان الاسلاميين السلفيين والاخوان المسلمين والاحزاب الاسلامية الاخرى مثل حزب التحرير وكل ما ينادي بالاسلام منهجا حياتيا  على غرار دعاة الاسلام السياسي ادعاؤه ان كل هؤلاء اعداؤه وانهم من يسعون لاسقاط النظام في سوريا وانهم اعداء القومية العربية

طبعا هذا منطق اسخف من سخيف لانه لا ينطلي اللا على العقول الساذجة والاغبياء  واللذين راهن عليهم حزب البعث العربي الاشتراكي منذ انطلاقته وكما راهنت الاحزاب القومية العربية مثل حزب القوميين العرب من قبله على الغباء العربي  وسذاجة المواطن المغيب المضطهد المسحوق اسير الظلم والاستبداد  التابع قسرا لقطيع الموالين للنظام والمساقين الى حظيرته

لو تفحصنا  هيكل الحزب العربي القومي ونظامه وشعاره واهدافه وقانونه وتركيبته وفحواه لوجدنا انه حزب اسلامي بامتياز من الشعار الى الاهداف الى نظام الحزب الى تشريعاته وقوانينه لكنه مغلف  من الخارج ببعض الاكسسوارات والبهرجات الوصفية الكلامية المشهية للانضمام اليه وتاييده وتساوقا مع حركة النهضة الشرق اوسطية في فترة الستينات اللتي فرضتها اوروبا وامريكيا على شعوب المنطقة لخلق سوق تجاري لها ولتهيئة الاجواء الحياتية  للفنيين ورجال الاعمال والتجار والمستثمرين الاوروبيين والامريكان  وتعايش شركات النفط  وخلق اجواء من العلاقات المتناسبة  وكفاءات ادارية واقتصادية وانتاجية  لتخدم مصالحهم

ياتي حزب البعث ليطرح شعار امة عربية واحدة  ذات رسالة خالدة  والحزب الاسلامي يطرح امة واحدة والاسلام رسالة خالدة اذا ما الفرق وان كان هناك فرق وخصوصية اليس الاسلام نتيجة محصلة  للامة العربية وعضو اساسي في كيانها ؟

اما الاكسسوارات اللتي اضافها وهي وحدة حرية اشتراكية

وطوال فترة حكم حزب البعث بالعراق وفي سوريا لن نجد من هذا الشعار الاكسسواري التجميلي المزيف الكاذب لحقيقة المعاني من ناحية التطبيق  سوى الضحك على السذج والبسطاء والاستخفاف بعقول الناس

فلا وحدة تحققت ولا حرية ولا اشتراكية بل ترسخت التفرقة وانمنعت وحرمت الحريات بكل انواعها  واستفرد رجالات الحزب وقياداته على اموال الشعب ومقدراته وكرسو الطبيقية  فالشعب السوري مثلا تسعون بالمئة منه فقير معدم مسحوق وعشرة بالمئة من قيادات الحزب والطغمة الحاكمة باسم الحزب تتفرد بكل خيرات الوطن والدخل القومي وتعيش حياة مرفهة الى ابعد الحدود مطبقة بذلك قوانين الراسمالية الاحتكارية الاستبدادية

ونعود الى التشريعات والقوانين ونتفحصها اليست كلها على الاطلاق مستمدة من الشريعة الاسلامية ؟

اليس قانون الطوارىء المعمول به بسوريا  منذ اربعين سنة هو قانون الدولة العثمانية  ما قبل سنة 1924 المستمد من الشريعة الاسلامية ؟

اليس الارهاب والظلم والقتل واحتكار السلطة والثروة الوطنية واسلوب التسلط والتحكم وقمع الحريات ومنعها وتكريس علاقات العدوانية واغتصاب حقوق المواطن  والتعذيب والاعتقال  وامتلاء السجون كلها من اساليب الاحزاب الاسلامية ؟

هذا وليس حزب البعث في سوريا فقط فهناك التجربة البعثية البائدة في العراق ايضا خير دليل على ما اقول  وقد انتجت شعبا محطما فقيرا مفككا متناحرا تحكمه الطائفية والعدوانية والانحلال والانفلات والتخلف  والتشرذم

نعم هذا  كله نتاج العقلية العربية  وهل العقلية اللتي انتجت الاسلام  قادرة على انتاج وطن نموذجي تزدهر به الحضارة والتقدم على يد مواطن متحضر نموذجي ؟

القومية العربية ارض بور كالصحراء اللتي  انجبتها لا تنبت خيرا ولا ثمرا  انما تنبت بؤسا وفقرا وشرا

لئن كان السلفيين والاخوان المسلمين هم من يريدون تمزيق سوريا وتحطيم كيانها وتحويلها الى لقمة سائغة  للاعداء  فالحق يقال ان حزب البعث السوري هو المجرم الاول والاخير وهو التربة الخصبة اللتي انتجت هؤلاء الاعداء

ثم اين هو المواطن العربي الطليعي المتحضر النموذج  المتحرر الاشتراكي الدمقراطي العلماني المنتج الخلاق المبدع العامل الفاعل المتعلم المثقف الخلوق المنتمي المخلص الصادق  واللذي يحمل كل مواصفات الانسان العصري القادر على صنع وطن يحاكي العالم المتحضر بكل المعاني والصور

هذا المواطن اللذي كان هدف وشعار حزب البعث منذ انطلاقته وفي  اولى ادبياته على لسان مؤسسه ميشيل عفلق

هل حقق حزب البعث سواء في العراق او في سوريا  هذا الهدف الاولي  اللذي يقود لامة عربية واحدة  حرة اشتراكية نموذجية متميزة قادرة على تبوء مكانها الحضاري اللائق بها على مركب الحضارة الانسانية اسوة بباقي الحضارات المتقدمة ؟

الجواب لا ولا اي شيء يذكر تحقق من ادبيات الحزب وبديهياته واولوياته وشعاراته البراقة والسبب طبعا ليس  نتيجة تكالب الاعداء عليه كما يدعون المغرضون وليس نتيجة ضعف الامكانيات او الهزات السياسية اللتي حصلت في المنطقة وليس الصراع العربي الاسرائيلي وليس كل الاسباب اللتي يدعيها قيادات الحزب  وانما السبب الرئيسي هو لان الحزب بجوهره هو حزب اسلامي كما ذكرت في بداية حديثي

وعلى هذا  فان وصف حزب البعث السوري للاسلاميين بانهم اعداء الوطن  وارهابيين ومخربين  ما هو اللا لعب في الوقت الضائع  واقول  لهذا الحزب لقد انتهى وقتك وانتهت لعبتك وراحت عليك فحفظا لماء وجهك لملم اغراضك وارحل بكرامتك قبل ان تداس في شوارع سوريا باحذية السلفيين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق