الاثنين، 21 مارس 2011

اي عيد للمراة العربية ؟

اي عيد للمراة العربية ؟

 

مفهوم العيد  عند شعوب العالم عبر تاريخ البشرية هو تاج هرم الفرح والسعادة والهناء والنجاح وتحقيق الاماني والامال والطموحات بالحياة للانسان

وهذا الهرم  له بيئته وموقعه ومكانه كي يتم بناءه به فهو لا يبنى باي مكان او اي بيئة وبالتالي لا تتويج له ولا عيد حقيقي

وبيئة الهرم هذه لها مواصفات وشروط ومن اهم مواصفاتها الحرية والاستقلال وهذا الشرطان اللذان يوفران الكرامة والعزة والرفاه للانسان ويوفران امكانية البناء والعطاء والابداع  وبعد هذه المرحلة الحضارية  وعلى ارضية تشكيلها يتم بناء الهرم اللذي يتوج بالعيد على راسه والعيد هنا هو العيد بشكله المجرد فهو يحتل كل مناسبة تستحق احياءها به

من هذه المقدمة البسيطة نطرح سؤالا هو :

هل العيد في بلاد العرب  عيد حقيقي ينطبق عليه هذا التعريف ؟

واخص بالذكر هنا بهذه الايام عيد الام او عيد المراة

لنلقي نظرة فاحصة على واقع المراة في مجتمعنا العربي سواء كانت ام ام امراة بكل صفاتها

ولنفحص شروط بيئة العيد  بالسؤال

هل الحرية موجودة في المجتمع العربي وتحديدا للمراة ؟

هل المراة مستقلة بشخصيتها وقرارها ومحققة لذاتها وقائمة بدورها الواجب في الحياة كمساهم وعنصر فعال في البناء والعطاء وتسجيل موقعها الحضاري بايجابية وابداع وتاثير فاعل ؟

هل البيئة القانونية والنظامية والثقافية والعقائدية والتربوية  كلها متوفرة للمراة بشكل ينمي شخصيتها ويؤكد ذاتها كعنصر حضاري اجتماعي اساسي في التربية والتنمية  والنهضة الحضارية واعداد الانسان القادر على بناء حضارة افضل ؟

هل البيئة الاجتماعية اللتي تعيشها المراة العربية تحقق شروط الاحتفال بيوم لها اسمه عيد وان كان لها يوم اسمه عيد  فما هي نسبة الحقيقة منه على انه تاج لهرم الفرح والهناء  والعزة والكرامة اللتي تتمتع به المراة ؟

هل المراة اللتي لا تمتلك جسدها ببرهان بسيط انها لا تقدر ان تزيح عن وجهها قطة قماش سوداء تطمس شخصيتها وتمنع عنها الشمس والهواء وتلغي صورتها  وتقتل كيانها  تفهم معنى عيد لها

 اي انها لا تمكتلك ابسط حقوقها بالحياة ولا تحقق بديهيات كينونتها

فهي ممنوعة من الضحك والبكاء والكلام والصراخ والتعبير علنا  فاي عيد يكون لها

ممنوعة من التنفس والتالم  ومن كل انواع الشعور والاحساس من الحب والكراهية فكيف تعبر في عيدها

هل المراة اللتي لا تقرر مصيرها الاسري ومع من ترتبط وكيف تبني مستقبلها  وتباع وتشترى لتودع بقية حياتها كسلعة للجنس والخدمة في بيت الدعارة الشرعية المسمى بيت الزوجية  تفهم معنى العيد وتحس به ؟

استحضر هنا حادثة حصلت معي قبل سنتين وهي

كان عيد الاضحى وذهبت يومها لزيارة صديق لي فاخذت معي هدية لابنته الصغيرة وعمرها ثماني سنوات  عبارة عن لعبة  جميلة تتكلم وتغني وعندما وصلت بيت صديقي  كنت متوقعا ان تلاقيني ابنته على الباب كالعادة كي اعطيها الهدية ولكنني  لم الاحظها تخرج لملاقاتي  وبعدما سلمت ودخلت طلبتها لتاتي فاتت وكانت تبكي  فقبلتها ومسحت على جبينها واعطيتها لعبتها فرمتها وقالت لي انا لا اريد لعبة انا اريد الخروج مع اصحابي ووالدي يمنعني منذ الصباح  فتوسطت الى ابيها كي يوافق لها على الخروج ففرحت وابتسمت وركضت خارجا ولعبت وانطلقت وبعد نصف ساعة وما زلت اجلس مع ابيها عادت واخذت لعبتها وشكرتني عليها

من هذه القصة اخذت عبرة بان الانسان واقصد هنا المراة اغلى شيء بحياتها هي الحرية فلا كيان للمراة ولا شيء في مخيلتها له اعتبار بالحياة دون حريتها

كل اعياد المراة  ومنها عيد الام اللذي يصادف هذه الايام هي شكلية ولا معنى لها بل وتزيد تنغيصا على حياة المراة وتذكرها بمرارة عيشها وتنبش اكوام الحزن اللتي بداخلها فتبكي بغصة والم شديد بيوم العيد بدلا من الابتسامة والفرح  والرقص على انغام الموسيقى بين الاحبة والاولاد والاحفاد

بيوم العيد تجلس المراة العربية لوحدها بعيدا عن الانظار في خلوة بينها وبين الزمن والاقدار

تواسي نفسها وتلملم اشلاء كيانها الممزق كي تنهض في بيئة القهر والذل والحرمان والاحتقار والانتقاص والتحييد والاقصاء والاستغلال والاستعباد والاغتصاب

كي تنهض من جديد على امل ان يكون غدا هو يوم الخلاص ويوم ميلادها ككيان يستحق الحياة ويقدر ان يمارس هذا الحق بكامله بحرية واستقلال

تنهض من جديد تتلمس وجهها تاج انوثتها وصورة كينونتها وعنوان شخصيتها  تنظر اليه في المراة بفخر واعتزاز رغم كل انواع الطمس لخصيتها  وتامل ان يكون غدا كل كائنات العالم ترى وجهها وتحتفل بعيد ميلادها

بيوم العيد تستذكر المراة كل صفحات حياتها وكل محطات مسيرتها وتسال نفسها  ماذا فعلت وماذا جنت وبمن اجرمت فتجلد ذاتها فوق جلد السياط بها وتؤنب ضميرها المهترىء من كثرة اللوم  ممن حولها وتلعن  جنسها كونها امراة في مجتمع لا يرحم جنسها

بيوم العيد تنظر المراة لاناث الحيوانات فتحسدها على حريتها وتمتعها بانوثتها واستقلاليتها

بيوم العيد تبحث المراة عن كيانها كي تسجل حضورها بالعيد فلن تجده

اذن لمن العيد يا ترى ؟

كي يكون عيد المراة مستحق لاسمه علينا بايجاد المراة  واحيائها من موتها وتفعيل كيانها ومنحها كل حقوقها بالحياة ومنحها حريتها واستقلالها وكرامتها وعزتها وانسانيتها ونوفر لها كل امكانيات العيش الكريم والرفاه والسعادة  ومقومات تحقيق الذات وتاكيد كينونتها كامراة

وعلينا ان نهيء لها  موقعها الحضاري اللازم واللائق بها  ونعيد لها مجدها اللذي منحته لها الطبيعة في خلقها

هذا ما تحتاجه المراة العربية في بلاد العرب والاسلام قبل العيد

واقول للمراة عموما بعيد الام كل عام وانت بخير واتمنى لك الحرية والاستقلال والعزة والكرامة وتحقيق الذات  والرفاه والسعادة وديمومة الحب والعطاء والاخلاص والحنان والوفاء

وقبلاتي لكل الامهات

دمت حرة عزيزة كريمة يا امي الحبيبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق