الخميس، 31 مارس 2011

هل يصلح الاسلام كمصدر للتشريع

هل يصلح الاسلام كمصدر للتشريع

 

الاخلاق هي مفردات لجملة اسمها قيمة والقيم  جمل لموضوع اسمه ضمير والضمير عنصر  اساسي من مركب اسمه الوجدان والوجدان هو المساحة اللتي يجتمع بها العقل والنفس بالفكر والاحساس والتمييز والادراك

بهذا التسلسل المنطقي  من الاساس الى القمة يكون الاخلاق ثم القيم ثم الضمير ثم الوجدان ثم الدماغ اي ان الدماغ هو المسيطر على ما دونه بتسلسل مركبات الشخصية

وبالعودة للاخلاق كعناصر اساسية في تركيب الشخصية من اين تاتي وكيف تتشكل :

الاخلاق نوعان وهما نوع يخلق مع الانسان بالوراثة  وتحديدا هنا لمعنى الاخلاق المقصود بها هي محفزات السلوك وبرنامج السلوك وصفته بمعنى آخر  هو الصفة العضوية البيوكيميائية والفيسيولوجية لجسم الانسان وجهازه العصبي  المرتبطة بالجينات الوراثية اللتي تحدد كيفية ونمط ونوع تصرفه في محيطه الحياتي لغرض الحفاظ على حياته واستمراريتها بافضل طريقة وحال ممكنين باقل جهد واعلى كفاءة ولغاية توفير حياة مرفهة وسعيدة وسهلة وعادلة وكريمة وحرة

 

والنوع الاخر من الاخلاق هو النوع المكتسب من البيئة الحياتية المحيطة بالانسان عبر سنوات حياته منذ ولادته وحتى مماته

تندمج الاخلاق الموروثة مع الاخلاق المكتسبة في شخصية الانسان وتصنف الى مجموعات كل مجموعة اسمها قيمة فمثلا قيمة الحرية يوجد بها عدد من الاخلاق كالصدق والتفاني والالتزام والانضباط والشفافية والمواطنة والنشاط والعمل والمبادرة والكرم الخ

ومثلا هناك قيمة العدالة وقيمة السلام  وقيمة التطور وقيمة الابداع وكل قيمة من هذه القيم تحتوي على مجموعة من العناصر المكونة اسمها الاخلاق

 

السؤال من اين مصدر هذه الاخلاق وكيف تتشكل :

الجواب ببساطة الاخلاق تتشكل نتيجة لعلاقات الانتاج ووسائط الانتاج ووسائل الانتاج ومصادر الانتاج  ومادة الانتاج وخامة الانتاج

وهذه كلها تاتي ضمن عملية تفاعل الانسان مع الطبيعة والكون بتاثيره في تغيير مواصفات البيئة المادية المحيطة به تبعا لاغراضه واهدافه وما يناسبه ويلزم له لتحقيق حياة افضل وكما قلنا للحفاظ على جنسه واستمرارية حياته بافضل حال ممكن

ولذا فان زخم الاخلاق وكثافتها يعتمد على مقدار خبرة الانسان بالحياة وصراعه معها

فكلما زادت خبرته زادت اخلاقه وكلما ارتقى بخبرته وممارسته للحياة وانتقل من مستوى المعرفة الى مستوى التقنية ومن مستوى الاكتشاف والعلم الى مستوى الفن والابداع والتميز كلما ارتقت اخلاقه بذات المستوى وكلما احتاج الى زخم اعلى ومستوى اعلى من الاخلاق لمواصلة مسيرته التقدمية والانتاجية والتفاعلية في برنامج متكامل اسمه الحضارة الانسانية

من هذا التحليل والوصف البسيط المختصر لكيفية نشوء الاخلاق وتنميتها وتطويرها وتنقيتها وتفعيلها وتاكيدها في شخصية الانسان لتصبح جزءا اساسيا من منهجه الحياتي  ودليلا له في طريقه الحضاري نفهم بان العمل والانتاج الفكري والجسدي والتفاعل مع مادة الحياة بالطبيعة والكون واكتساب المعرفة والمهارة والتعلم والاكتشاف والبحث   والعمل ضمن منظومة اجتماعية انتاجية لتوفير علاقات انتاج من خلالها تولد الاخلاق الجماعية ذات القوة والزخم في دفع جسد الحضارة للامام وتكون برنامجا في تطور الشعوب ونموها وتحضرها

 

اذن الفرد اللذي تنقصه الخبرة الحياتية وتنقصه المهارة والتقنية للحياة وتنقصه التجربة والمعرفة والعلم  وتنقصه العلاقات الانتاجية وتنقصه وسائط الانتاج ووسائله وبرامجه ومادته الخام وفي حالته هذه يكون مجرد انسان مستهلك من جهد غيره ومن انتاج غيره

هذا الفرد لا يمتلك الحد الادنى من الاخلاق بالمعيار الحضاري لمفهوم الانسان

ولا تعدو اخلاقه ذاك الجزء الموروث الضعيف القليل ذو المستوى المتدني اللذي لا يؤهله  للاندماج بمجتمع متحضر قطع مراحل متقدمة في مجال تطور وبناء علاقات من الانتاج وتشكلت لديه منظومة قيمية تحتوي زخما كبيرا وقويا بمستوى اعلى من الاخلاق

هذا الفرد يصنف على انه متخلف رجعي

والمشكلة هنا لدى هذا الفرد المتخلف في انه لمواصلة حياته والحفاظ عليها في الوسط اللذي لايرحم المتخلفين ولكي يحقق ذاته ككيان له الحق الكامل بالحياة  سوف يلجا للعنف والارهاب كي يحقق ذاته باي طريقة كونه لا يقدر ان يندمج بالبيئة الحضارية المحيطة في ظل غياب الاخلاق لديه

 

والسؤال اللذي اريد ان اطرحه بشفافية ومنطقية وتجرد  بعد كل هذا السرد والتوضيح :

هل الاسلام اللذي يتمثل بمنهج حياة مجتمع الصحراء قبل 1400 سنة والصحراء معروف عنها انها تحتوي على عناصر حياتية مادية انتاجية قليلة جدا نظرا لنمطية تضاريسها وقلة مواردها وانعدام وسائط الانتاج بها مما يؤدي الى قلة الخبرة الحياتية وقلة التجربة وقلة العلم والمعرفة وانعدام حوافز التطور والتقدم والتغير والابداع والتميز  واللذي يقود بمجمله الى قلة الاخلاق وانخفاض مستواها الى ما دون الحد الادنى لمواصفات الاخلاق الحضارية بالقياس لبيئات حضارية تحتوي التنوع والزخم الانتاجي والعلاقات والوسائط الانتاجية الاكثر والاشمل  والاكفاء والاعلى مستوى

هل الاسلام يحتوي الاخلاق اللتي تلزم الانسان في عصرنا هذا ؟

والمشكلة  الاعقد من هذا ان الاسلام كمنهج حياة منغلق وسبب الانغلاق طبعا قادم من طبيعة سكان الصحراء في مكان منعزل عن المجتمعات المتمدنة وعن بطء عملية التطور والوعي لديهم وعدم توفر امكانيات هذا التطور وعدم انفتاحهم في علاقات انتاجية وتفاعلية وتبادل مصلحي مع المجتمعات الاخرى وتبادل الخبرة وتنوع التجربة الحياتية وافتقادهم لمهارة الحياة وتقنيتها وعلومها ومعارفها

كل هذا ادى الى انغلاق الاسلام بطبيعته كونه مستمد من عادات العرب سكان الصحراء ومفاهيمهم وقيمهم واخلاقهم ونمط حياتهم وتركيب شخصيتهم وطبيعة علاقاتهم الاجتماعية ونظرتهم للحياة واهداف عيشهم وتتطلعاتهم  واسباب وجودهم واستمرارية حياتهم ضمن بيئة تفتقد لمقومات العيش الكريم والواعد والمريح والرفاهي

 

اذن كيف لهذا المنهج وهو الاسلام  بهذا التوصيف ان يكون اساسا للتشريع ومصدرا لاخلاق الانسان في القرن الواحد والعشرين في بيئة ليست صحراوية وفي  عصر اصبحت به الكرة الارضية عبارة عن قرية صغيرة تذوب بها وتتلاشى كل الفروقات البيئية والخصوصيات الاجتماعية ؟

في عصر يتسم  بحالة السباق  والتزاحم  وتحديات الطبيعة والسيطرة على  مادة الكون  واثبات الذات الحضارية بسلاح مرادف للعلم وهو الاخلاق  ذات القوة والزخم والمستوى  والكيفية والنمط والطبيعة والانتاج والكفاءة  والفاعلية والقابلية للتطور السريع والاندماج والتلاؤم والتوافق مع كل المستجدات والمتغيرات بانفتاح مطلق وحركة مرنة حرة

 

هل الاسلام يتوفر به هذا النوع من الاخلاق وهل يعتبر مصدرا اساسيا لها  ؟

ان كان الجواب لا وطبعا هو لا

فكيف يعتمد على انه  مصدرا اساسيا للتشريع في الدول العربية  ؟

وما يثير الدهشة والحزن والقلق هو ان الثورة التونسية والثورة المصرية تمخضتا عن نتاج في قراراتها الثورية او المسمى ثورية  كمادة اساسية في الدستور  ونصها

يعتبر الاسلام  مصدرا رئيسيا للتشريع

يعني الاسلام مصدر الاخلاق

  في النهاية نخلص للقول بان كل ما يحصل في الوطن العربي ما هو اللا تمرد على انظمة الحكم وتمرد على القانون والنظام وتمرد على  الاندماج بحياة عصرية تستوجب العمل والانتاج والتعلم والتطور وبذل الجهد الكافي لاثبات الذات وتحقيق الوجود الكياني

فالعودة الى الاسلام كمصدر للتشريع يعني عودة للانحطاط الاخلاقي والتخلف والرحعية

وهذا يضع الانسان في وضع معاكس لحالة الثورة والتغيير ويذهب به لمزيد من التخلف والرجعية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق